يقول ح. ح. م: مات والدي وأنا صغير فأشرفتْ أمي على رعايتي عَمِلَتْ خادمة في البيوت حتى تستطيع أن تصرف علي، فقد كنت وحيدها.
أدخلتني المدرسة وتعلمتُ حتى أنهيت الدراسة الجامعية، كنت بارّاً بها وجاءت بعثتي إلى الخارج فودّعتني أمي والدموع تملأ عينيها وهي تقول لي: انتبه يا ولدي على نفسك ولا تقطعني من أخبارك، أرسل لي رسائل حتى أطمئن على صحتك.
أكملتُ تعليمي بعد مضي زمن طويل ورجعت شخصاً آخر قد أثّرتْ فيه الحضارة الغربية رأيتُ في الدين تخلفاً ورجعية، وأصبحتُ لا أؤمن إلا بالحياة المادية والعياذ بالله.
وتحصلتُ على وظيفة عالية وبدأت أبحث عن الزوجة حتى حصلت عليها، وكانت والدتي قد إختارت لي فتاة متدينة محافظة ولكني أبيتُ إلا تلك الفتاة الغنية الجميلة لأني كنتُ أحلم بالحياة الأرستقراطية -كما يقولون.
وخلال ستة أشهر من زواجي كانتْ زوجتي تكيد لأمي حتى كرهتُ والدتي.
وفي يوم من الأيام دخلت البيت وإذا بزوجتي تبكي فسألتها عن السبب فقالت لي: شوف يا أنا يا أمك في هذا البيت، لا أستطيع أن أصبر عليها أكثر من ذلك.
جنّ جنوني وطردتُّ أمي من البيت في لحظة غضب فَخَرجَتْ وهي تبكي وتقول: أسعدك الله يا ولدي.
وبعد ذلك بساعات خَرجتُ أبحث عنها ولكن بلا فائدة رجعتُ إلى البيت وإستطاعت زوجتي بمكرها وجهلي أن تنسيني تلك الأم الغالية الفاضلة.
إنقطعت أخبار أمي عني فترة من الزمن أُصِبْتُ خلالها بمرض خبيث دخلت على إثره المستشفى وعَلِمتْ أمي بالخبر فجاءت تزورني، وكانت زوجتي عندي وقبل أن تدخل علي طردتْها زوجتي وقالت لها: إبنك ليس هنا ماذا تريدين منا إذهبي عنا رجعت أمي من حيث أتت.
وخرجتُ من المستشفى بعد وقت طويل إنتكستْ فيه حالتي النفسية وفقدت الوظيفة والبيت وتراكمت علي الديون، وكل ذلك بسبب زوجتي فقد كانت ترهقني بطلباتها الكثيرة.
وفي آخر المطاف ردت زوجتي الجميل وقالت: مادمتَ قد فقدت وظيفتك ومالك ولم يعد لك مكان في المجتمع فإني أعلنها لك صريحة: أنا لا أريدك، طلقني.
كان هذا الخبر بمثابة صاعقة وقعتْ على رأسي وطلقتها بالفعل فاستيقظتُ من السُّباتِ الذي كنت فيه.
خرجتُ أهيم على وجهي أبحث عن أمي وفي النهاية وجدتها ولكن أين وجدتها؟! كانت تقبع في أحد الأربطة تأكل من صدقات المحسنين.
دخلت عليها وجدتها وقد أثر عليها البكاء فبدت شاحبة وما إن رأيتها حتى ألقيتُ بنفسي عند رجليها وبكيتُ بكاءً مرّاً فما كان منها إلا أن شاركتني البكاء.
بقينا على هذه الحالة حولي ساعة كاملة، بعدها أخذتُّها إلى البيت وآليت على نفسي أن أكون طائعاً لها وقبل ذلك أكون متبعاً لأوامر الله ومجتنباً لنواهيه.
وها أنا الآن أعيش أحلى أيامي وأجملها مع حبيبة العمر: أمي حفظها الله، وأسأل الله أن يُديم علينا الستّر والعافية.
الكاتب: عبد العزيز الحمدان.
المصدر: موقع ياله من دين.